الشرح:
قال المصنف رحمه الله: [الثالث عشر: الإشارة إليه حساً إلى العلو]. وهذا من الأدلة على علو الله تبارك وتعالى التي لا تحتمل التأويل ولا الحذلقة ولا التفلسف، وهذه الإشارة الحسية باليد أو بالإصبع مما أجمع عليه العقلاء وأهل الأديان جميعاً أنها إلى الله إنما تكون إلى جهة العلو.
ويقول المصنف هنا: (حسًّا) أي: بالحس؛ بالأعضاء وبالجوارح المشاهدة؛ لأنها لا تحتمل التأويل؛ ذلك أن الآيات والأحاديث أو الجمل والألفاظ والعبارات قد تؤول بتأويلات بعيدة متكلفة، لكن الإشارة المحسوسة بالإصبع التي تراها العين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تقبل التأويل إلا ممن كابر وخرج عن سواء الصراط.
قال المصنف: [كما أشار إليه من هو أعلم بربه] ويعني بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه أعلم الخلق بربه عز وجل، كما صرح هو بذلك صلى الله عليه وسلم فقال عن نفسه: {أنا أعلمكم بالله}، وكيف لا وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العالمين، وهو الذي رقي إلى سدرة المنتهى، وأطلعه الله تبارك وتعالى على الجنة والنار، وخاطبه ربه وخاطبه رسول ربه جبريل عليه السلام، وهو الذي أنزل الله تبارك وتعالى عليه الذكر، وهو الذي بعثه الله تعالى رحمة للعالمين، فما ترك خيراً قط إلا دلهم عليه، ولا شراً قط إلا بينه لهم ونهاهم عنه؟!
فإذا عرف حاله صلى الله عليه وسلم وأنه لا أحد أعلم بالله منه صلى الله عليه وسلم، كان الذين يتحدثون في أبواب العقيدة ويقولون: هذا يجب لله، وهذا يجوز، وهذا يمتنع... من عند أنفسهم، ويتركون سنته صلى الله عليه وسلم.. كان هؤلاء مفترين على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إذ كيف يستدركون عليه؟! كأنهم أعلم بالله من رسوله صلى الله عليه وسلم؟!